کد مطلب:163867 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:266

البطولة الاسلامیة و ملحمة کربلاء
من هنا جاءت ملحمة كربلاء لتقسم البطولة الی قسمین:-

النوع الاول: البطولة فی الدفاع عن الثغور:

الدفاع عن الامة الاسلامیة خارجیاً حیث صبغت البطولات الافق بالدم لتحرر البشریة من نیر الاستعباد وتدافع عن نبتة الاسلام الولیدة، وكانت هذه التضحیات تقع علی تخوم ومشارف وثغور الدولة الاسلامیة.

النوع الثانی: بطولة التصحیح الداخلی:

التضحیة لزرع الثقافة الرسالیة الثوریة فی العمق الاسلامی.

فبطولة من أجل تحریر الآخرین. وبطولة أخری من أجل حریة الامة الاسلامیة ذاتها.

ومن هنا نستطیع ان نؤكد بأن ملحمة كربلاء أعطت شرعیة للثورة ولبطولاتها وللشهادة من أجلها. وبعد كربلاء وجدنا بأن كل الحركات التحرریة بلا أستثناء من الخوارج الی حركة الزیدیة، الی حركة الاسماعیلیة والی حركة القرامطة والی كل الحركات داخل الامة الاسلامیة كانت تحاول أن ترتبط بخیط یمدها الی كربلاء. وأن تستلهم من معركة الامام الحسین (ع) دروسها. وأن تغذی أبناءها بروح البطولة المنبعثة من وادی كربلاء، هكذا كانت ثورة الامام الحسین تمتاز بصفة العطاء وهكذا أصبحت مسیرة ثوریة أخترقت حاجزالزمان والمكان.

ثانیاً: الضغوط الحضاریة علی الامة الاسلامیة:

علی طول تاریخ الامة الاسلامیة التی دخلت الآن فی السنة الثامنة بعد الاربعمائة والالف من بدایة انطلاقها بعد الهجرة، علی طول هذه الحقبة الزمنیة تعرضت أمتنا لضغوط حضاریة شدیدة جداً كادت تذوب بسببها.

إن هذه الضغوط الحضاریة لم تكن خطیرة فی الجانب العسكری، لان أمتنا قد تحصنت منذ البدء بفلسفة الشهادة التی لا یخشی علیها من الذوبان العسكری، ولم تكن اقتصادیة الاتجاه، لان أمتنا لم تعتمد علی محور المال والثروة والاقتصاد. بل تمحورت حول قیمة الحق. لذلك لم تكن الضغوط الاقتصادیة قادرة علی تذویب أمتنا عبر التاریخ، ولم تكن الضغوط الاجتماعیة كذلك، لان امتنا تدرعت بدرع حصین من الروابط الاجتماعیة المتینة. بل كانت تلك الضغوط ثقافیة، الثقافة التی تتسرب كالماء تدخل فی عمق القواعد الارضیة للامة، و تفسد جماهیرها ثقافیاً و فكریاً بطریقة أو بأخری. هذا الضغط كان أشد خطراً من ألف سیف بل مئة ألف سیف بل ملیون سیف.

إذن كیف نحافظ علی أمتنا من خطر الغزو الثقافی عبر التایخ. امتداداً من حركة الترجمة الیونانیة فی البلاد الاسلامیة ایام یزید بن معاویة أول من حاول أن یترجم الكتب الفلسفیة الالحادیة الی اللغة العربیة، امتداداً من ذلك الیوم وانتهاءاً بانتشار الافكار الدیصانیة، و الافكار الافلاطونیة الحدیثة، والافكار الهندوكیة و الافكار المجوسیة!!

الجواب: هو مجالس الذكر.

لا ریب ان العلماء الأمناء علی حلال الله وحرامه هم أول من حافظ علی هذه الثقافة، وأول من ضحی من أجلها.

فحینما كانت ورقة الكتاب تهمة تكفی لاعدام كاتبها، وحینما كانت الدنیا تضیق بأهل العلم الحقیقیین ولا تزال. حینئذ كان المنبر الحسینی وجلسات الذكر ومواكب العزاء ومسیرات التعزیة، كلها كانت أداة لتزریق الجماهیر بثقافة رسالیة حیة صافیة نقیة بعیدة عن الرواسب الجاهلیة وعن الافكار المستوردة.

لقد قلت-آنفاً-أن كربلاء لیست ملحمة للبطولة، و انما هی مدرسة لرسالة كلها بما فیها البطولة وبما فیها سائر عناوین الحیاة. و حین دخلت ملحمة عاشوراء وعی الامة الاسلامیة، فاننا لم نكن نخشی من انهیار ثقافی لان ركیزة ثقافیة قویة قد تركزت فی عمق الانسان المسلم بسبب كربلاء المقدسة، كون كل انسان مسلم لا سیما الفرد الرسالی یعیش فی قلبه خریطة مصغرة لكربلاء ومنذ نعومه أظفاره. ویحمل فی قلبه شخصیة الامام الحسین علیه السلام، لیس الامام الشهید فقط وانما كبار أصحابه و ابناءه، فالعباس له مكانة خاصة فی قلوب الموالین.. وعلی الاكبر، وحتی ذلك الطفل الرضیع الذی أعدم رمیاً بالسهام فی أرض كربلاء بعد أن ذاق الامرین من العطش والحر، انه هو الآخر یعیش مثلاً للبراءة.. ومثلاً للبطولة فی قلب كل انسان مسلم، ألیس كذلك؟!

فكیف یمكن لهذا المسلم الذی یعیش كربلاء ویذوب فی ملحمة الحسین علیه السلام وتبقی مأساة أطفال الامام الحسین علیه السلام فی قلبه أن ینسی رسالة الاسلام؟ رسالة هذه رموزها هل تنسی؟! وأساساً هناك ما یدغدغ حلم الانسان و یحرك أطیب مشاعره اذا لم تدغدغها ملحمة كربلاء؟!

الجواب: كلا.

ومن هنا أصبح المنبر الحسینی وما یرافقه من وسائل اعلامیة -وأستخدم هنا كلمة المنبر بمفهومه الشامل- أصبح درعاً للامة الاسلامیة من الهجمات الثقافیة الخطیرة ولا یزال. وهنا نتسائل علی ماذا تعتمد ثقافة أمتنا الاسلامیة الیوم فی العراق؟

فهل تعتمد علی الصحافة التی تسود الاوراق كما تسود وجه التاریخ ووجه الانسانیة البیضاء، حیث تراها كل صباح ومساء تمجد خطوات كل مجرم وكل سفاك معتد أثیم، وكل زنیم، هذه الصحف التی یكتب فیها المرتزقة أقاویل ملفقة. فقد كنت أقرأ العدد الاخیر الذی سجل بتاریخ [30/أكتوبر] من مجلة الحوادث احدی المجلات السائدة فی فلك الرجعیة السعودیة_وقرأت الواقفین ببلاط الرجعیة السعودیة كالخدم المهنیین قرأتها فلم أجد كلمة واحدة عن الحج، بالرغم من أن الحج كان أقوی حدث وبارز وأكبر مؤتمر واعمق مسیرة وأشد تأثیراً وفعالیه، ولكن مع ذلك نری بوضوح مرتزقة الرجعة السعودیة-تدعی أنها حامیة الحرمین الشریفین-لم یكتبوا و لا كلمة واحدة عن الحج. لانهم قد نذروا أنفسهم للفساد وللجریمة ولبیان كل فكرة ملتویة رجعیة متوغلة فی التبعیة والعبودیة للغرب ولامیركا بالذات، وهم نظراً لذلك لا یسجلون تطلعات الامة، ولا یكتبون مسیرتها الحقیقیة لا یوضحون الوحدة الاسلامیة فی الحج، وبدلاً من ذلك یذهبون ویسجلون مؤتمر الشمال والجنوب فی المكسیك، ویكتبون تقریراً عن جنازة السادات صاحب معاهدة الكامب الخیانیة، كل هذا یسجلونه فی عشرات صفحات الصحف التابعة للرجعیة السعودیة.. هذه الأدارة العمیلة التی عبئت لذلك الهجوم البربری الثقافی من قبل الغرب ضد أصالة امتنا الاسلامیة وضد كرامة أمتنا الانسانیة!! ومقابل ذلك یأتی المنبر الحسینی، وبطل عاشوراء الحسین، لیزود الامة بالطاقة والحیویة والاندفاع والحماس، وأیضاً بالفكر الاسلامی، الثوری الرصین والتقدمی.

ثالثاً: الثورة انتفاضة انسانیة وحقیقة تاریخیة:

ان قیمة كربلاء وملحمتها الثوریة لیست فقط فی انها كانت ثورة، بل لانها ثورة فی ثورة، وتغییر وتصحیح لمسار الثورات وحركات التغییر، انظروا الی التاریخ الاسلامی لتجدوا كم من ثورة انحرفت الی فوضی، وكم من ثورة تحولت الی حزبیة ضیقة، والی دیكتاتوریة ارهابیة، وكم من ثورة نسیت أهدافها وتحولت الی ثورة مضادة حینما وصلت الی السلطة.